• لماذا العزوف عن القراءة ؟؟؟
• الأمر مأساة تدعو إلى المواجهة والتغيير .
• لم تعد القراءة وسيلة للنبوغ والرقي ولكن ( الفهلوة وسياسة اللعب بالبيضة والحجر)
• إصابة القارئ العربي بالكسل الذهني من المصاعب الاقتصادية والإحباطات التي يعاني منها .
• غياب التوجيه من المنزل وضعف القدوة مع عدم وضوح الرؤية للأبناء وراء العزوف عن القراءة .
• هناك أكثر من 200 جريدة ومجلة على مستوى الوطن العربي ذات مواقع إليكترونية
• التعليم أعطي الملخصات شرعية لا تستحقها
• المشتري العربي هو أكثر المشترين التهاما للدعاية وتصديقا لها .
• لقد عم الاستسهال حتى لتجذبنا الكلمة المسموعة عن الكلمة المطبوعة
لماذا العزوف عن القراءة ؟ ولماذا قلت اهتماماتنا الثقافية ؟ وأين نحن مثلاً من عباس محمود العقاد الذي كان يقرأ الكتاب سبعين مرة وهو من هو !!؟؟
. لقد عم الاستسهال حتى أنه لتجذبنا الكلمة المسموعة عن الكلمة المطبوعة ولا غرابة إذن أن تنسحب الصحافة الورقية لحظة ما ليحل محلها الصحافة الإليكترونية وصحافة الفيديو نظرا لتميزها بالتغطية الفورية والمتعمقة والتغطية متعددة الوسائط النصية والسمعية بالإضافة إلى التغطية اللامحدودة وجدير بالذكر أن هناك مائتي جريدة ومجلة على المستوى الوطن العربي لها مواقع إليكترونية .
ومن ناحية أخرى فلا ينبغي أن تغرنا عمليات إعلامية غالبا ما يكون القصد منها الترويج للمادة المنشورة بما قد يترك انطباعا عند القارىء بكثرة رواجها أو شدة انتشارها بين الناس ...
ففكرة مثل ( جداول أو قوائم الكتب الأكثر مبيعاً ) والتي نجدها منتشرة في مواضع عديدة وفي بعض الأحيان نجدها مطبوعة بشكل أو بآخر على بعض الكتب المترجمة كما تنتشر كثيرا في الصحف والمجلات العربية إنما هي فكرة مقتبسة من الغرب الذي يعي جيدا معنى الدعاية والإعلان عن منتج ما ، والذي بدا أيضا في تنفيذها منذ سنوات عديدة تحت العنوان الشهير best sellers ,
ففكرة كتلك تؤكد الأرقام والإحصائيات أثرها , فوجود كتاب على تلك القوائم الدعائية مثلا يعد سببا كافيا جدا للإقبال على شرائه متفوقا بذلك أحيانا كتباً حاصلة على جوائز عالمية , فالمشتري العربي هو أكثر المشترين التهاما للدعاية وتصديقا لها .
لقد تكالبت علينا أمراض العصر من قلق واكتئاب وعجلة . و جنح هذا - كثيراً - بسلوك الأفراد في ظل عائق الأمية وضعف التعليم من جهة , وتطوير آليات العصر من جهة أخرى , بالإضافة إلى ارتفاع أثمان الكتب والجرائد في ظل غلاء المعيشة .. و غياب التوجيه من المنزل وضعف القدوة مع عدم وضوح الرؤية للأبناء , ليقل عدد رواد المكتبات وبالتالي تقل اهتماماتنا الثقافية .
الأمر الذي يوقع بنا في خطر الهيمنة . والهيمنة كلمة مهذبة جدا للتبعية وفقدان الهوية والخصوصية والذوبان في الهلامية العالمية ..
وبالتالي كان الخوف من العولمة على عاداتنا وتقاليدنا وثقافاتنا وعقول أبنائنا, أن يتملك الشباب الشعور بعدم الانتماء والابتعاد عن الصف الواحد
في الوقت أيضا الذي تفترس فيه العامية حياتنا وتتوغل فيها فتملأ علينا البيت والشارع واللافتات والفضائيات والندوات .
والخوف من انتشار العامية " أنها الرسول المختار للعولمة" لكونها تفريق أكثر منها توحيد للأمة التي يجمعها التحدث باللغة العربية الفصحى ويشتتها عدة لهجات عامية .
ويؤكد الكاتب والصحفي أحمد بهجت : على أن : " الأمر مأساة تدعو إلى المواجهة والتغيير " – على حد تعبيره في رصده لظاهرة تدني مستوى اللغة العربية لدى الشباب والجهل الفاضح في معلوماتهم العامة , " وكأنهم يعيشون خارج التاريخ لأن اهتماماتهم منصبه على كرة القدم والأغاني الشبابية " وذلك يشير إلى هبوط مستوى التعليم وهبوط مستوى الثقافة العامة . والأزمة في رأيه قد :" وصلت للجميع ولم تعد مقصورة على الفقراء دون الأغنياء".
وقد ذكرت د. عبير قاسم مديرة مكتبة مبارك العامة بدمنهور، أنه من خلال الإحصائيات التي تجريها المكتبة دوريا، تبين اختلاف الاهتمام والإقبال على القراءة والاطلاع داخل المكتبة تبعاً لاختلاف المستفيدين وفئاتهم العمرية:-
فهناك فئة الأطفال: الذين يهتمون بممارسة الأنشطة والألعاب، وقضاء الوقت في التسلية. وهناك الناشئين من الفئة العمرية ما بين 11 – 15 سنة ويفضلون القراءة على الانترنت وأيضاً وفئة الشباب: من سن 17 سنة من الطلبة ويزيد إقبالهم في فترة الدراسة تبعاً لما يكلفون به من أبحاث، وتختلف أعدادهم بحسب تخصصاتهم الدراسية بالإضافة إلى فئة الكبار: ومنهم من لديه اهتمام فعلى بالقراءة والاطلاع بحسب ميله الشخصي، ومنهم من يهتم به بحسب متطلباته الوظيفية.
كما ذكرت الدكتورة/ مديرة المكتبة أنه من خلال تجربتها ورؤيتها الشخصية تستنتج أن هناك عدة أسباب وراء حالة العزوف عن القراءة الواضحة في وقتنا الحالي، ومنها:-
أسباب اقتصادية وهي :-
وجود شبكة الإنترنت كوسيلة سهلة للحصول علي المعلومات بضغطة واحدة دون اللجوء إلي القراءة ، وإصابة القارئ العربي بالكسل الذهني من المصاعب الاقتصادية والإحباطات التي يعاني منها.
أسباب اجتماعية، ومنها:-
تقصير الأسرة في زرع وتنمية عادة القراءة في نفوس أطفالها منذ الصغر ، ونظرة الكثير من الناس إلي القراءة علي إنها هواية ليست ممتعة، وأمر ليس بأساسى للحياة.
بالإضافة إلى أسباب حياتية:-
منها الانغماس في الحياة المادية، وانشغال الناس بتدبير أمورهم المعيشية وعدم إيجاد الوقت الكافي للمطالعة , والاعتقاد الخاطئ بأنه لا حاجة للقراءة فى ظل سهولة الحصول على المعلومة في عصر مهتم " بالتكنولوجيا "، والاستعاضة عن القراءة بالمشاهدة الحسية والبصرية في ظل طغيان وسائل الإعلام الحديثة من إذاعة وتلفاز ، حيث أصبحت هذه الأجهزة تقدم المعلومات جاهزة دون أدنى مجهود يبذله المستمع أو المشاهد.
يقول د. أبو المعاطي الرمادي الباحث في الأدب العربي :
أن العزوف عن القراءة من أخطر الأشياء في زمن العولمة, وبالتحديد في حالة عدم وجود حوائط الصد التراثية والتي تمنع تسلل أي فكر خبيث إلى مجتمعنا .
ويرجع السبب ‘إلي عامل التربية , حيث إن البيت هو المكان
الخصب الذي نزرع فيه ما نريد حصاده, وللأسف أصبحت أهم أسس التربية عند الغالبية العظمى الآن هو تمجيد الأثرياء والمشاهير من ممثلين ورياضيين ورجال أعمال , وهذا عمل يهدد الثقافة والمثقفين ومستقبل الشباب ,فلم تعد القراءة وسيلة للنبوغ والرقى , ولكن ( الفهلوة , وسياسة اللعب بالبيضة والحجر ) ,التي لا تحتاج لقراءة وتعب قلب .
,ثم يأتي قصور التعليم الذي لا يوجه الطالب من الصغر إلى المصادر الحقيقية للمعلومات وهي الكتب . التعليم الذي أعطى الملخصات شرعية لا تستحقها ، بالإضافة إلى انحصار القراءة في الكتب الشرعية عند فئة كبيرة وهذا هو الداء العضال
ويرى الرمادي أن الثقافة أبواب يفتح أحدها على الأخر وتنطوي متسلسلة حتى يتم الوعي .
,فضلا عن انعدام الوعي بتنظيم الوقت وحالتي الخمول و اللاوعي المسيطرتين على الشباب نتيجة للظروف الاقتصادية ومشكلاتها الغارق فيها مجتمعنا بالإضافة أخيرا إلي أن انشغال الشباب, بالملذات التي ليس من ضمنها القراءة
بينما يقول محمد اللبودي مدير إدارة الشئون الثقافية بالبحيرة :
أن الإقبال على القراءة مازال موجودا وإن قل نسبيا وأن الإقبال لم يقل من الناحية الفعلية .. بدليل الصحف والمجلات التي تباع يوميا .
وإنما هو فعل الثورة العلمية ، وظهور وسائل الاتصال الحديثة ووسائل المعرفة المتطورة من خلال الفضائيات ، والإنترنت ، والحاسب الآلي .
والذي حدث هو التحول من القراءة المكتوبة إلى القراءة المسموعة . ويرى أنه لم يتغير سوى الأسلوب التقليدي فقط للقراءة من خلال البرامج الثقافية والعلمية والفنية على الفضائيات، وكذلك الإنترنت .
وأن هذا التطور كان على حساب الكتاب المطبوع والذي يعتبر الوسيلة الوحيدة تقريبا في الماضي للمعرفة
ويتوقع أن يفقد الكتاب المطبوع المزيد من رواده مع ازدياد التطور العلمي والتكنولوجي في وسائل المعرفة المختلفة ، وظهور ما يعرف بالكتاب المسموع والمرئي .
ويرى أن للكتاب المنشور بريق .. إلا أنه في زمن " الفيس بوك" " والمدونات " بديلا عنه للأدباء والمثقفين .
ويقول صلاح غانم الأديب والباحث المسرحي : إنما يرجع العزوف عن القراءة بسبب انصراف الآلة التعليمية عن تنمية دوافع الأبناء إلى القراءة ، بالإضافة إلى ضعف مستوى الدارسين والمدرسين في نفس الوقت في اللغة العربية والثقافة بوجه عام ،
وانعدام القدوة حيث أصبح التعليم يتجه نحو الحفظ دون الفهم الأمر الذي خرج جيلاً عديم الهوية ليس لديه قدوة في ظل الدروس الخصوصية التي أصبحت تمتص وقت الطالب .
بالإضافة إلى انحسار المثقفين منذ أكثر من ثلاثين عاما أمثال طه حسين ونجيب محفوظ ويوسف السباعي وأحمد شوقي وحافظ إبراهيم حيث أصبح جيل الكتّاب الحاليين بلا ملامح ودون فكر واضح وبالتالي أصبحت الكتب الجديدة سيئة المحتوى في مختلف مجالات الفكر والأدب والشعر
ويرى غانم الحل بالعودة مرة أخرى لإصلاح العملية التعليمية وعودة حصة المكتبة بالمدارس بمختلف مراحلها وحسن اختيار المعلم وعودته مرة أخرى إلى الإطلاع بدوره كمربي وليس آلة لجمع النقود ، وتحسين وسائل الإعلام من حيث اختيار إعلاميين ذوي ثقافة بعيداً عن البرامج التافهة"و "المكياج " ، وإطلاع الدولة بعمل أفلام كبرى ثقافية اجتماعية تنمي الشعور بالانتماء أمثال الأفلام التي عرضت في ستينات القرن ا لماضي فضلاً عن اهتمام الأسرة بالتراث الأدبي وتوعية الأطفال بأهمية القراءة واهتمام وسائل الإعلام بعمل مسابقات جادة للقراءة بين جيل الشباب
وأخيرا
فإن خلق جيل جديد من المثقفين يلزم له مناخ اقتصادي وتربوي وتعليمي وإعلامي سوي وجاد فضلاً عن دحض الثقافات المريضة والمستوطنة والأفكار المشوشة البعيدة عن أخلاقنا وقيمنا المتوارثة
وكما نُعلّم الشباب أن الخروج عن السلوك القويم وحسن الأخلاق خطرا عظيماً .. يجب أن نعلمهم أن يالعلم والثقافة نتجاوز هذا الخطر . الأمر الذي يدعونا أيضا إلى وجوب إعادة الثقة فيما نقرأ !!
( في الوقت الذي تخرج لنا مكتبة الأسرة كتبا ذات طباعة جيدة وكتِّاب ممتازين وأسعار رخيصة إلا انه مازالت أيضا المشكلة قائمة !!؟ )
بقلم : خالد غلاب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق