الاثنين، 15 فبراير 2016

أطفالُ العربِ يعتذرون / أحلام الحسن


أطفالُ العربِ يعتذرون / أحلام الحسن
اعذرونا
إنْ رأيتم شعورنا المبعثرة
وملابسنا الممزّقةَ القذرة
وقلوبنا المتكسّرة
اعذرونا فلسنا من الأطفال
أعذرونا أيّها النّساءُ ..
اعذرونا أيّها الرّجال

اعذرونا
لو قلنا أنّ طعامَنا سرقته الغربان
لو قلنا إنّ أسرّتنا هي التّراب
لو لبسنا رثَّ الثّياب
اعذرونا
لو قلنا بأننا لا نملك منازل
ولا دُمى ولا قنادل
اعذرونا
لو صارتْ أجيالنا بليدة
لو باتت أفئدتُنا شهيدة
لو صارت الدّنيا في وجوهنا عنيدة
لواشتكينا الحرَّ والظّلامَ والعواذل
اعذرونا
لو قلنا بأننا جياع
اعذرونا
لو باتت أفواهُنا .. أسماعُنا .. أبصارُنا
خرساء .. صمّاء .. عمياء
فقد كُويتْ كلُّها بالحديدة
اعذرونا
إن لم نستطعْ البكاء
فليسَ في أجسادِنا ماء
اعذرونا
إنْ لم نعرفْ أعيادَ الميلادِ كالأطفال
وطوابقِ الكعكِ والهدايا والرسائل
اعذرونا
فلسنا من البشر
ولا نملك الملابس الجديدة
خذونا بعيدًا عن بلادنا
لنسألَ الأطفالَ كيف يلعبون
كيف يمرحون
كيف يدرسون
كيف ينامون ويشربون ويأكلون
اعذرونا
إن صرنا جيلًا فاشلًا
بليدًا .. ضائعًا
اعذرونا
إن عشعشَ الجهلُ فينا
فلم نعرف غير مآسينا
اعذرونا
إن رأينا بنا جنونًا وغباء
اعذرونا إن لم يك منّا
أطباءُ .. علماءُ .. رؤوساءُ.. شعراء
فقد وُلدنا في زمن البُلهاء
اعذرونا
فلسنا كالأطفال ..
أصبحتْ آمالُنا مجرد احتمال
مجرد خيال
اعذرونا
إنْ لم نُغرّدْ لكم كالبلابل
إنْ لم نُغنّي لكم كالعنادل
فقد اختنقتْ كلُّ أصوتِنا
مع دُخان النّوازل
واحترقتْ
حقائبُنا .. منازُلنا .. مدارسُنا
وأقلامُنا ودفاترنا
كُلّها احترقتْ تحت القنابل
اعذرونا
إنْ أضعنا الطُّرقات
إنْ نسينا الشّوارعَ والعناوين
فكُلّها تحملُ ذات العنوان!
اعذرونا فلسنا كالأطفال
اعذرونا
إنْ لم نُقبّلْ أياديكم
خوفًا عليها من قذارتنا
اعذرونا لرائحتنا النّتنة
فقد نسينا كيف يكونُ الاستحمام
ولم تعرفنا المرآيا
شوّهتْ صورنا تلكَ الخطايا
وأبقتْ واحدةً فقط
ترثي تلك المنايا
اعذرونا
فقد ماتتْ تحت جلودِنا كُلُّ الخلايا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق