الخميس، 18 فبراير 2016

حوار مع القاص والروائي محسن الخفاجي أجرت الحوار: خديجة علي حسين/ من مركز النور

حوار مع القاص والروائي محسن الخفاجي
أجرت الحوار: خديجة علي حسين/ من مركز النور




القاص والروائي محسن الخفاجي..الماركسية تركت أثرا كبيرا في كتاباتي
كاتب سومري يمتلك قوة المفردة يرسم صورا مميزة في كتاباته تاثر بالماركسية في موضوعاته أتقن أدواته بمهارة عالية ، جسد معاناة الناس وهمومها في العديد من قصصه ، جسد ذاته من خلال الشخصيات التي يختارها يعتبر من القامات الادبية العربية ، متواضع جدا بسيط مع كل الناس قارئ من الطراز الاول متابع لكل نتاجات الادباء ، دوما متجدد الافكار ففي هذه المدينة السومرية الكثير من المبدعين امثاله في جميع الميادين الثقافية لكن تفاقم المرض عليه بعد اعتقاله من قبل القوات الامريكية والتي اثرت على نفسيته واصبح مقلا ولم تلتفت اليه الحكومة لتاخذ بيده للعلاج على اقل تقدير .. له مؤلفات عديدة منها " قناع بوريشا , شارع الزواج , طغراء مدينة القمر , الشيطان في صورة ملاك , الرقم يختنق في الهواء , إيماءات , وغيرها .. وقد حاز على جوائز القصة والرواية في العراق للأعوام 1969- 1983- 1987- 2001و 2010، كما حصل على الجائزة الثانية في العالم في مسابقة أجريت في الدنمارك لقصة الأفلام القصيرة في فلم من إخراج عباس علي عام 2010 ترجمت إلى الانكليزية والاسبانية.
* اغلب كتاباتك رغم ما تحمله من الواقع لكنه قريب إلى الأدب الانكليزي ؟
- نحن تأثرنا بالأدب الأجنبي المترجم جيلنا كان يعيش على الأدب المترجم من الفرنسية أو الانكليزية أو الروسية قرأنا العديد من الكتاب تركوا بصماتهم في نتاجاتنا . الأقرب لنا كان الأدب الروسي على الأخص ديستويفسكي وغوغول وايليا وهرنبورغ . ما العمل حتى لا تكون تجيد لغة غير لغتك ستقع في اسر المترجمين وتتأثر بطريقتهم في الصياغة وهكذا جيلنا .
* هل أثرت الأفكار الماركسية على ما كتبته خلال رحلتك مع القصة ؟
- نعم تأثرت بالنظرية الماركسية . وقد تركت أثرا عميقا في كتاباتي حتى أني تعلمت الانجليزية لاقرا مجلة الادب السوفياتي التي كانت تصدر في القرن العشرين فتعرفت على كتاب لم يكن لي أن أعرفهم لو بقيت بلا لغة أخرى . عرفت راسبوتين وكل كتاب القصة في الجمهوريات كنت مغرما باتيمانوف وقرأت أعماله قبل ترجمتها إلى العربية. من أهم الكتاب لدي فاسيل شوكشبين وهو أديب روسي وليلي بروميت وهي كاتبة أستونية ترجمت لها العديد من قصصها الجميلة .
* كيف يصل الإيحاء مما تطرحه إلى المتلقي وأقصد القارئ البسيط ؟
- عبر اللغة الموحدة يمكن توصيل المضمون وأنا امتلك لغة شاعرية أثنى عليها جبرا إبراهيم جبرا . يمكن بإيحاءات قليلة أن تكشف عن موضوعات إنسانية هائلة وهو ما حققته في " إيماءات ضائعة " المجموعة القصصية التي نلت عليها جائزة أفضل كتاب قصصي عام 2001 .
وأثنى أعضاء اللجنة على لغتها الشاعرية ومواضيعها الإنسانية العميقة .
* تأثير الاعتقال في سجن بوكا على القاص مرهف الحس هل خرجت بنتاج حول هذه التجربة الصعبة ؟
- كان للاعتقال في بوكا لثلاث سنوات أثر كبير على نتاجي فقد كنت قريبا من شعبي بقومياته وطوائفه كما عرفت المحتل عن قرب كتبت قصصا بعنوان " حمامة القنصل" ستطبع قريبا في كاليفورنيا "دار مقهى " . وتضم 12 قصة قصيرة عن المعتقل اعتقد انها ستكون قصص الوثيقة المبهمة عن فترة الاحتلال .
تغير أسلوبي كثيرا وأصبحت الجمل صادمة وتخلصت من الإنشاء الوصفي الطويل .
* برأيك هل لدينا كتاب قصة بمستوى نجيب محفوظ ؟
- نجيب محفوظ له مشروع قصصي نذر نفسه لانجازه ونال نوبل. ليس لدينا من بمستواه السبب يعود إلى أن الأدباء في العراق لم يحصلوا على حقوقهم كطليعة ، نجيب محفوظ تم الاحتفاء به حين بلغ الخمسين ، أما كتابنا فقد بلغوا السبعين دون أن يهتم أحد بما يكتبون اليس هذا دلالة أننا نعيش عصر انحطاط النتاج الأدبي وضياع تأثيره بعد تدني مستوى القراءة إلى الحضيض وغلبة الصورة ؟.
* نلاحظ ظهور كتاب قصة في الفترة الأخيرة بمدينتنا وصدرت لهم عدة كتب ما رأيك بهم ؟
- سهولة النشر ساعد على ظهور جماعات كثيرة ليس لديها مشروع قصصي ناضج ولا تمتلك العدة الكافية في انجاز نتاج قصصي بهم. الآن الكتاب متشابهون وليس هناك من يمكن التعويل على نتاجه،تدنت الإمكانية الفنية واللغوية وقل مستوى القصاصين ففقدوا تأثيرهم على القارئ، نحتاج إلى إعادة صياغة منهج لإيجاد قصصي ناضج عبر مشغل أدبي وإلا لن يكون لنا قاص مهم في العقد القادم .
* في مجال القصة قد تكون معدمة أو نسبية وجود العنصر النسوي في هذا المجال؟
- هذا زمن السرد النسوي والنظريات النقدية التي تلاحق النتاج النسوي وتكشف عن آلياته يجري هذا في مجتمعات متقدمة، لكن في مجتمعنا ما تزال المرآة تحت ضغط العديد من المحرمات التي تحد من مقدرتها في النتاج النسوي والغوص في عمق التحولات، المرآة الكاتبة تعاني من ضغوط هائلة تحد من جرأتها في الطرح وهذا معروف في مجتمع مثل مجتمعنا .
* اصبت بمرض اعاقك بعض الشيء .. هل كان اهتمام الحكومة بك كقاص بمستوى الطموح ؟
- لم تهتم الحكومات المتعاقبة بالأديب الذي يعاني من المرض وبعضهم ودع الحياة في عمر قصير مثل السياب الذي لم يتجاوز الأربعين مات وعمره 38 سنة طلب من وزارة الثقافة أن تؤمن له علاجا قيمته 10 دنانير فرفضت ثم صرفت بعد موته الملايين لإقامة ندوات حول تأثيره الشعري ، أليس هذا نفاقا من الحكومات المتعاقبة ، ما المتوقع من انظمة متخلفة تضحي بالكاتب والشاعر كما تضحي بالأموال المهدورة .
* ما سبب عدم دعم الحكومتين المحلية والاتحادية للأدب والثقافة بشكل عام ؟
- لأن من هم في سدة الحكم لا يستحقون هذه المواقع ويحتاجون إلى نشر الجهل للبقاء في مواقعهم ودعم امتيازاتهم لذلك تجد الفساد منتشرا بكثرة . من يفكر بدعم الثقافة في هذه المرحلة يجرى تسفيه المشاريع الثقافية من أجل نظام حكم يوهم الناس بالديمقراطية ويعرضهم لأخطار جمة .
*المشهد الثقافي في الناصرية هذه الأيام من وجهة نظرك ؟
- المشهد في أدنى مستوياته ليس هناك الحماس في التعبير عن المرحلة كما كنا في سبعينات القرن العشرين وما بعده ، هناك رقابة مخيفة تهيمن على عقل الكاتب ، الرقيب صار شديدا جدا وغبيا جدا .
* عدم مشاركتك وعدد من أعضاء الهيئة الإدارية لاتحاد الأدباء في الانتخابات التي جرت مؤخرا ؟
- قاطعت الانتخابات لسبب جوهري، الاسلاميون أو من يسمون نفسهم أسلاميين أدرجوني ضمن الادباء المقاطعين للأدباء التقدميين وهم انفسهم الذين منعوا طبع رواياتي حين كنت معتقلا اليس هذا موقفا متضادا ! انهم حتى لم يطلبوا رأيي ، هل هناك مفارقة مضحكة أكثر من هذه .. أنا كنت عضو مجلس مركزي عام 1992 وكرهت العودة إلى هذا المجلس المضحك لأن اعضائه ليسوا بأدباء أبدا بل يبحثون عن فرصة للكسب والسفرات الخارجية .
* هل اعتمدت بعض كتاباتك .. كعمل فني مؤثر ؟
- نعم اعتمدت كذلك ولولا هذا لما منحت الجائزة الثانية في العالم للقصة السينمائية عن قصتي " أربعة أحلام من قتيل من الدنمارك "حتى قدمت كفيلم من أخراج أوروك علي شقيق الشاعر الراحل عقيل علي عام 2010 أهم ما أفكر بانجازه جماليات الكتابة هذا ما جعلني مختلف عن أقراني لأني أغرد خارج السرب كما يقال .
* الجوائز التي حصلت عليها خلال مسيرتك الأدبية ؟
- الجائزة الأولى للقصة في العراق في أعوام 1969 - 1983 - 1999
الجائزة الأولى للرواية عام 1983 - 2001
عدة جوائز مختلفة
الجائزة الثانية للقصة العالمية في الدنمارك عام 2010 وجوائز أخرى .
* ممكن ذكر بعض الاسماء المهمة في كتابة القصة في المحافظة ؟
- من القصاصين أذكر أحمد الباقري وحسن الخياط وحسن عبد الرزاق وإبراهيم سبتي الذي أنجز مجموعة قصص قصيرة جدا متميزة بعنوان " بائع الضحك " .
* هل تعتبر بأن الإعلام أنصف محسن الخفاجي ؟
- أعتقد أنني بانجازي القصصي جلبت الاعلام ليهتم بما أكتب ويحاورني عليه ، ما لم يحقق الكاتب أي كاتب ، النجاح فلن يهتم أحد به أظنني حصلت على ما أريد ، كنت في شبابي قد تمنيت أن أفوز بجائزة في القصة ففزت بعدها بالعشرات وحققت ما أصبو إليه ، أدعو القصاصين إلى القراءة المتواصلة .
* كلمة أخيرة ؟
- اقترح أن يتم الاهتمام بالادب العراقي كما تهتم الدول المتحضرة بالحفاظ على مبدعيها واتاحت الوضع المناسب لكي ينجزوا اعمالهم ويحصلوا على حقوقهم ، كما يمكن للدولة بامكانياتها الواسعة أن تحتفي بالادباء والفنانين والمثقفين باقامة نصب تاريخية أو اطلاق أسمائهم على الشوارع والقاعات لكي تفخر على طول الزمان بهذه العقول التي هي مفخرة هذا البلد ، قبل أيام أقامت البرازيل تمثالا للممثلة الفرنسية برجيت باردو بينما لا يتم لدينا الاحتفاء بالادباء الاموات مثلا . شكرا جزيلا لكم وتنمياتي لكم بالموفقية .
خديجة علي حسين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق